الأربعاء، 10 يوليو 2013

أمسك عليك لسانك





  نعم الله على الإنسان لا تُعد ولا تحصى

ومن هذه النعم العظيمة والجليلة نعمة اللسان

 قال تعالى  «ألم نجعل له عينين * ولساناً وشفتين» 


اللسان ذلك العضو الصغير قد يكون سبباً لدخول صاحبه الجنة أو النار

 فإن استغله الإنسان في طاعة الله وذكره؛ سلك به طريق الجنة

 وإن استغله في الغيبة والنميمة وقول الزور وغيرها؛ قاده إلى النار.



اللسان متى استقام لله جل وعلا استقامت من بعده الجوارح.


اللسان إذا حركه قلبٌ يخاف الله ويخشاه لم تسمع منه إلا طيباً.


اللسان إذا أُطلق له العنان هوى بصاحبه في دركات الجحيم والنيران.


احذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان 

كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان


ولقد وصَّى الله جل وعلا عباده المؤمنين بأن يتقوه -سبحانه وتعالى- في هذا العضو.


قال تعالى  « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا»


وقال تعالى : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ

 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ»


 قال النبي صلى الله عليه وسلم  «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع»

 كما نهى المسلم أن يكون ثرثارًا أو متشدقًا أو متفيهقًا

 قال صلى الله عليه وسلم
 «وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم منى يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون». 

والثرثار هو كثير الكلام تكلفًا، والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه

ويتكلم بملء فيه تفاصحًا وتعظيمًا لكلامه، والمتفيهق هو المتكبر.

وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة واللفظ للبخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال
 «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالاً يرفعه الله تبارك وتعالى بها درجات، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً
 يهوي بها في جهنم».


كل كلمة تخرج من هذا اللسان لا تذهب أدراج الرياح

بل هي مسجلة مقيدة في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها

قال تعالى  «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»


إن جميع الأعضاء يدور صلاحها على صلاح اللسان

 كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم 

قال «إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان -أي تذل وتخضع له-

تقول له: اتق الله فينا، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا»


اللسان هو الميزان الذي توزن به الرجال،وتعرف به أقدارها

 ما صلح منطق رجل إلا ظهر ذلك على سائر عمله،

ولا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك من سائر عمله.


قال صلى الله عليه وسلم  

«لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه،ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»

ومعنى الحديث انك لوا انشغلت بإصلاح قلبك وسلامته

 ولسانك ليس نظيفا فإنك خاسر

وكذب من أدعى صلاح وصفاء القلب ولسانه ليس نظيفا

فاللسان ما هو إلا مغرفة يغرف من القلب.


قال ابن القيم : كم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم

 ولسانه يسري في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي بما يقول!.


ولقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن عامر

 حين قال : يا رسول الله! ما النجاة؟

 فقال له صلى الله عليه وسلم

 «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك»

وقال صلى الله عليه وسلم
 «المسلم من سلم المسلمون يده ولسانه».

وفي البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم :«من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة».


أرأيتم بوابة الإسلام ، ومفتاح الدخول في رضوان الله، إنها كلمة

 لا إله إلا الله محمد رسول الله.


والخروج من الإسلام قد يكون بكلمة والعياذ بالله

 فالإنكار والجحود والاستهزاء بدين الله،والسب لله ولرسوله

كل هذا سيئات كُفرية تتعلق بالكلمة.


الزواج يقع بكلمة والطلاق كذلك يقع بكلمة

وكذلك العتق والرجعة ولو كان الرجل مازحاً

قال صلى الله عليه وسلم
 «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة» 


حال السلف


وهذا عمر رضي الله عنه يقول : «من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل ورعه، ومن قل ورعه قل حياؤه، ومن قل حياؤه مات قلبه»


وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول
 «والله الذي لا إله غيره، ما شيء أحق بطول سجن من لساني».


وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول
 «أنصف أذنيك من فيك،فإنما جعلت أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تكلم به».


وكان ابن عباس  يأخذ بلسانه ويقول
 «ويحك قل خيرا تغنم، واسكت عن سوء تسلم،وإلا فاعلم أنك ستندم».


كيف نحفظ ألسنتنا  ؟؟


 فلا شك أن هذا الأمر فيه عسر ويحتاج إلى أمور منها :


الوسيلة الأولى : أن يزن الإنسان الكلام قبل أن يخرجه، لك أم عليك؟
 فإن كان حسناً قاله، وإن كان خلاف ذلك تركه


الوسيلة الثانية : أن يحاسب الإنسان نفسه على ما مضى
ماذا أردت بهذه الكلمة؟ هل كانت حسنة أو غير حسنة؟
حتى يعود نفسه، ويصحح ويستفيد من أخطائه.


الوسيلة الثالثة : أن يتخذ له صاحباً يحصي عليه عيوبه، فاجعل لك من أصحابك الذين تثق بهم، يحصي عليك وينبهك، على ما قد يبدر منك من خطأ


الوسيلة الرابعة : أن يعوِّد الإنسان نفسه على القول الطيب،
 فعن عبد الله بن بشر أن رجلاً قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتثبت به؟ قال «لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله» وقال جل شأنه : (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

فعوّد نفسك كثرة الذكر، والاستغفار، والكلام الطيب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى يصبح عادةً لك.


الوسيلة الخامسة : وهي أن يراقب الإنسان ربه، ويتذكر قول الله عز وجل
 (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)

ولذلك قال بعض العارفين: «إذا تكلمت فاذكر أن الله تعالى يسمعك، وإذا سكت فاعلم أن الله تعالى ينظر إليك ويراك، وبذلك لا يتكلم الإنسان إلا في خير».


فلنتق الله ، ولنلتزم تعاليم الإسلام، ونتأدب بآداب أهل الإيمان، ولنحفظ ألسنتنا عن الحرام ، فمن وُقي شر لسانه فقد وُقي شراً عظيماً،ومن استعمل لسانه في الخير والطاعة والمباح من الكلام وُفّق للسداد والكمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.


وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.






إقرأ المزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق